بما قلّ ودلّ
عن السياسة في لبنان
يراوح المشهد السياسي اللبناني في دائرتي البلهِ و الغباء و ما بينهما من قلّة فرق. فالعبثية هي سيدة الموقف دون منازع، لا جدوى ولا طائل من أي شيء و ليس هناك من يأبه. المهم هو الإكمال في محاولة كسر الفريق الآخر أمّا النتائج والخسائر والمخاطر التي تهدد بالتدمير الذاتي مرة اخرى لمجمل البلد، تلك اشياءٌ تافهة لا قيمةَ لها بنظرهم.
وفيما يخصّ الخيارات السياسية هناك فريق بالغَ في اللهاث وراء الغرب لتحقيق" الإستقلال الثاني" على نحوٍ يثير الغضب والإمتعاظ و يتخطى حدود الخطر والمعقول و المقبول، و فريقٌ اخر بالغَ في الركضِ وراء شعار "مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني" و غرق في مياهه الضحلة دون أن يعير انتباهاً، عن قصد او غير قصد، لكون هذا الشعار حصان طروادة لتمرير الموبقات التي إن لم تشكل على المجتمعات والإنسان العربي خطراً اكبر من المشروع الأميركي الصهيوني فهي لا تقلُّ عنه خطورةً. لكن كل هذا مجرد ترهات بالنسبة إليهم ما يهم كلٌّ منهم هو كسر الفريق الآخر.
وبالإنتقال للممارسة السياسية في لبنان، فهي قِمّة و قُمّة (ملاحظة: لا يزال 90 % من العرب لا يفقهون الفرق ما بين هاتين الكلمتين، ربما يعود السبب لإجتماعات القادة العرب) اذاً هي قِمّة و قُمّة السخافة، وكأن كل سياسي يأخذ خلاصة السخافة المركزة و المكررة و يعطّر نفسه بها كل صباح لتفوح رائحته بها عبر مختلف وسائل الإعلام.
ثم ننتقل لنرى ما يحصل على المستوى الشعبي ونجد ان الشعوب اللبنانية اضحت بإمتياز عبدة لزعماء الطوائف والتعبير الأدق لوصفهم هنا هو آلهة الطوائف، هنيئاً لها. و هنيئاً للبنانيين ايضاً الأنانية و الحقد والكراهية التي يكنّونها لبعضهم البعض وذلك لمجرد خلفيات سياسية و تفضيل دول خارجية على اخرى، نعم فهم يستهبلون عندما يفكرون في السياسة كما يستهبلون في تشجيع فرق الدول الأخرى في مباريات كرة القدم، ينتظرون فوز دولة على أخرى للتحقير والنيل من بعضهم البعض.
نعم و قبل ان يفوتني، و بما أن الموضوع عن السياسة في لبنان لا بد ان نتكلم قليلاً عن فئة درجت العادة ان تكون على هامش الأحداث و المشهد السياسي في العقدين الأخيرين بعد ما أن تحولت لأشلاء صغيرة وقليلة لحركة كبيرة وواسعة كانت تعرف باليسار اللبناني في بداية سبعينيات القرن الماضي. هذه الفئة و هي فئة يساريو اليوم نجدها على صغرها و قلتها منقسمة بين المعسكرين و كل قسم يحاول تبرير مواقفه الحالية لذاته قبل الأخرين. وبدل من ان يجسدوا حالةً عابرة للطوائف تطرح خياراً ثالثاً يتضمن عقلانية وتحرر، بما تحمله اليسارية من قيم و مفاهيم ، للتخلّص من الجنون والعصبية المطبقة على البلد؛ نراهم، القسم الأول يحاول توليف الديمقراطية مع اليسارية مع ان اليسارية الحقيقية هي اكثر ديمقراطية من اي مفهوم سياسي اخر ولا تحتاج لأي توليف، و لانفهم شيئاً مما يفعله عوضاً عن انه مجرد مكوِّن صغير في فريق خيارته معروفة. والقسم الثاني يتمسك بحذافير ايديولوجية عفا عنها الزمن، و يلتزم بها بأسلوب يميني في تطرفه بما يحمِله من تعصّب و اطلاق أحكام مسبقة والحكم على الأشياء بما تمليه شعارات هذه الأيديولوجية وليس بمعايير الصح والخطأ او الحق و غير الحق، وأيضاً لانفهم شيئاً مما يفعله عوضاً عن انه مجرد مكوِّن صغير في فريق خيارته معروفة.
ولا مهرب من هذا الواقع الذي يجترّ نفسه إلا إذا قام الباحثون عن السيادة والإستقلال بالبحث كل منهم اولاً، على المستوى الفردي، عن سيادته و استقلاله عن القبلية الطائفية والأنانية. وإذا قام الباحثون عن التحرير و الممانعة بالعمل كل منهم اولاً، على المستوى الفردي، لتحرير نفسه من القبلية الطائفية و الأنانية. و بدلاً من الإنجرار وراء العصبية دعونا نستعمل خلايانا العصبية لإنّه لا يكفي ان نحملها كالمغفلين عبئاً بين اكتافنا.
Comments
I was hoping to hear some good news, any glimpse of hope would have been great, but I guess we are still the same!! This is the best te7lil I have read,sums it all in a nut shell.I was waiting for the outcome of the arab summit to decide whether I should take a trip home or not!! yeah, I know it is laughable.
Don't think just because am not commenting here that am not reading,am watching quitly:)
Heba
I know that you've been a silent reader for a while. But i think that it's always better to read what u have to say. :)
Your first post was about the moonlight sonata.I found a nice version of it and thought of you. You probably have heard it,if not check it here: http://esnips.com/doc/98f73d80-4bc7-42cb-b117-a9dbfc845fec/moonlight-sonata-remix
Heba