بما قلّ ودلّ
عن الأعلام في لبنان
بالمبدأ, ومن المتعارف عليه أن وظيفة الإعلام هي نقل الخبر للقارىء أو للمستمع أو للمشاهد. و الخبر الذي أشير اليه هنا هو الخبر الذي يضيء على الأحداث (بالمعنى الطبيعي للكلمة أي الوقائع وليس الحرب) ويكشف النقاب عن الحقائق ويأخذ المتلقي الى حيث لايستطيع ان يذهب للتحقق والتبيان والمعرفة شخصياً, وذلك عبر القلم الصحفي أو الصوت والصورة والشروط التي تحكم هذه العملية هي المصداقية والأحتراف و ما يسمى بالأمانة الصحفية. أما ما نراه اليوم في لبنان فبعيد كلّ البعد عن هذا المنحى و هذه المنهجية, وبالرغم من وجود صحفيين و إعلاميين يشهد لهم بتاريخهم و بكفاءتهم نجد أن الإعلام في لبنان قد أصبح وتحول الى ناطق رسمي بإسم الأحزاب والجهات السياسية, بل وأسوأ من ذلك فالإعلام أصبح في أيامنا هذه أداة تأليب وصنع وتكوين رأي عام مؤيد للجهة السياسية صاحبة الوسيلة
الأعلامية, أو قولبة وتوجيه وتضليل الرأي العام المؤيد الموجود أصلاً وذلك خدمةً للمصالح والأهداف
وأود الوقوف على الأمثلة التالية لتوضيح ما سبق
في الصحافة المكتوبة نرى بأنه بات من الصعب التفريق بين الخبر والتقرير والمقالة, "فالخبر" الذي من المفروض أن ينقل كما هو دون تحريف (مع بقاء الحرية للناشر اختيار اي خبر سيتصدر صفحاته واي خبر سيمر عليه مرور الكرام) نراه يتحول و يحرّف حسب الأهواء السياسية للمحرر والناشر. وعوض عن ان يكون الخبر "فلان صرح كذا و كذا" مع ابقاء الحرية للقارىء فهم ما يتضمنه هذا التصريح, يتصدر الصحيفة في اليوم التالي مثلاً عنوان: "فلان يحرض اللبنانيين على الفتنة". أما فيما يتعلق بالتقرير فمن المفترض ان يكون دراسة لموضوع أو شأن معين تقرن بمعلومات موّثقة و تبنى على أساسها استنتاجات منطقية, لكن ما يحصل هو استنتاجات مبنية على منطق خاص (لامنطقي في كثير من الأحيان) ومقرونة بمعلومات مفبركة بدل موّثقة كالصور المركبة أو كقولهم نقلاً عن مصدر موثوق او مصدر وزاري او جهة خارجية الخ. أما المقالة فهي المكان الصحيح للتحليل السياسي و للكاتب الحرية الكاملة للتعبير عن رأيه, لكن ما نراه اليوم في المقالات هو انها تحولت الى متاريس للدفاع عن الجهة السياسية التي ينتمي اليها الكاتب والهجوم على الجهات السياسية الأخرى من خلال طمس وتبرير عيوب الجهة التي ينتمي اليها وتضخيم عيوب الجهة الأخرى
ننتقل الى الإعلام المرئي والمسموع الذي تحول الى أداة رخيصة للتحريض واللعب على الغرائز الطائفية, وفبركة الأخبار وصنعها بدل نقلها بأمانة, فمثلاً لو قمنا برسم دائرة وأعطيناها لمحطة ما, تقوم بإعداد تقرير إخباري وتقنع به مشاهديها بأن الرسم هو مربع. وإن أعطينا نفس الدائرة لمحطة أخرى تقوم بإعداد تقرير إخباري وتقنع به مشاهديها بأنه مثلث مثلاً. وهكذا, وبالرغم من الأستناد الى نفس الوقائع, تتوصل المحتطان الى استنتاجات معاكسة تماماً. وبناءً على هذا نستطيع القول بأننا نعيش اليوم حقبة الأنحطاط الأعلامي مع التسجيل بأن هناك وسائل تتمادى في هذا الأسلوب أكثر من وسائل أخرى
في النهاية أطالب بأن تمنع الأحزاب والجهات السياسية جميعها في لبنان من امتلاك وسائل أعلامية خاصة بها فليكتفوا فقط بناطق رسمي باسم الحزب يعلن عن مواقف حزبه, وليترك الإعلام لأهله الحقيقيين ليؤدوا رسالتهم دون سيطرة وارتهان
Comments
But you know even here in the U.S. the media has become like that..the same story changes from one outlet to another according to affiliation only to transform into another story of its own, and people can tell who are you rooting for from what you read and listen to.
Heba
Khaled: nchallah yro2 el 5itab el siyesi, bass ma el ossa inno law ma ken el i3lem hal 2ad mamsouk men 5wani2o, ma ken wosel el tashannoj la hal daraji, kel m7atta btesta2bel elli bye3jeba 7akyo w byenzal msabbet bel jeha el siyesiyeh el tenyeh, law ken el e3lem shway m7arrar, w kel sa7afi byeshteghel bi 2ana3ato, kinet shefet tannawo3 aktar bi 2alb kel m7atta, w ma kenet shefet fabraket bel ta2arir w bel a5bar hal 2ad. El e3lem le3eb el dowr el akbar bi sha7n el 3alam, ka anno ma btekfi 5itabet el siyesyyin.